الملكة “سوزان”!

كان ياماكان ، لكن في حاضر العصر والأوان سيدة اسمها ” سوزان “. تملأ صورها الشوارع وأغلفة الكتب بطول البلاد وعرضها . ولا يظن الناس أنهم عرفوا و آبائهم وأجدادهم على توالي عهود السلطنة والمملكة و الجمهورية زوجة لحاكم كان حازت كل هذا الحضور . تفتح التليفزيون تجدها . تدير مؤشر الراديو تجدها . تطالع الصحف تجدها .تمسك بالكتب واسعة التوزيع تجدها . وعندما  تخرج من بيتك تطالعك صورها الملونة العملاقة تعترض فضاء الشوارع والميادين و مداخل الجسور . وكأن الحاكم ترك لحرمه المصون مهمة الحفاظ على تقاليد عبادة الفرد بعدما هجرها أتباع ستالين وهتلر وموسوليني .

كان ياما كان ، وأيضا في حاضر العصر والأوان سيدة اسمها ” سوزان ” فاقت كل زوجات الحكام و الرؤساء في بلدها سطوة ونفوذا . وانتقلت من  سيدة الأعمال الخيرية الأولى والأم راعية الطفولة الي سيدة الثقافة. و لما كان الحاكم يتقدم في العمر ويطول به المقام في السلطة استصدرت من بعلها بمقتضي الحقوق الزوجية لا الدستورية  قرارا رئاسيا تلو آخر . شكلت مجلسا نسوياً  ترأسته . نافذ الكلمة في شئون الدولة . و بـ ” “حداثة” و “تمكين ” أصبحت تصوغ القوانين . تستجلب رضا “الخواجات ” بدعوى تحسين سمعة البلاد . تستطيب طاعة الوزراء والمحافظين عندما يلهجون بالنداء  ” الست هانم ” فوق كل العباد.

كان ياما كان في حاضر العصر والأوان سيدة اسمها ” سوزان ” تدرك بدهاء القصور أن لكل حاكم أجل و الخلق إلى زوال . فدبرت الأمر لنجلها ” الهمام “. تستعجل إمساكه الزمام . وباتت القوانين و القرارات والإجراءات لا تفسر بالدساتير و العلاقة بين المؤسسات . ومن يتعذر عليه الفهم يستعن بأطباء النفس .ويسترشد بتحليل ” فرويد ” عن مركب الغرائز والعقد ،  وحتى ينفك طلسم الاقتصاد و السياسة بين الأفعال واللا أفعال بدلا من الإدارة والسيادة . و يدور ميزان القوى مع زوايا مثلث ” الأب ” و الابن ” و ” الزوجة / الأم ”  ، ومع أيهما الأعلى اليوم في مزاج الحكم .

ولما كانت الدولة مرتعشة المفاصل والأركان أطلت لتنفي شائعة مرض الحاكم العضال وأمرت بمحاسبة مروجيها من الغوغاء بعدما صمت كل ذي شان . و مثلما تحركت دواليب الحكم والصولجان فور أن أمرت بوقف الختان و خرج المشايخ ليفتوا بعكس ما كان وضعت الصحافة على حد الحسام . وسيق الصحفيون إلى التحقيق والتهديد . وتقدم حملة المباخر لتخويفهم وكأنهم حملان.

في حاضر العصر والأوان ملكة اسمها “سوزان “..

بقلم/ كارم يحيى

المقال نقلاً عن موقع حركة كفاية .. ويمكن الوصول إليه عن طريق الرابط التالي: http://harakamasria.org/?q=node/9751

Advertisement

One thought on “الملكة “سوزان”!

  1. مؤمن says:

    ماما سوزان بتتعب كتيير اوى علشان نعيش يا جماعة واللى يضايقك ان احنا مانتخبناش جوزها علشان تعمل كل ده انا اتخنقت من البلد دى

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s